لم يكن هذا المقالُ ليخطرَ على بالي لولا أني لاحظتُ صمتا مميتا وعزوفا ليس له نظير من قبل علماء السنة ، بل وعجزا ملحوظا بقدرة معظم علمائنا المسلمين عن إعمال الفكر ، بما يفيد الناس عامة وينفعهم ، ولم جد بدا من كتابة هذا المقال لما رأيت من نشاط وحركة دائبة ، ومثابرة من قبل علماء الشيعة الذين يتمتعون بفكر عظيم وعلم غزير ، وفلسفة منقطعة النظير ينعدم مثيلها في أروقة الدين الحنيف في مؤسساتنا الدينية كلها .
إنني بهذا المقال لستُ بصدد الترويج للاستمتاع باللقاءات والندوات والمحاضرات المكثفة التي يقدمها أولئك المشاهير من العلماء للمشاهدين في كافة أنحاء المعمورة ، مستخدمين أرقى الأساليب ، وأقصر السبل لإيصال المعلومة الفكرية إلى السامع والمشاهد بغض النظر عن دينه ومذهبه .
إنني بهذا المقال لستُ بصدد الترويج للاستمتاع باللقاءات والندوات والمحاضرات المكثفة التي يقدمها أولئك المشاهير من العلماء للمشاهدين في كافة أنحاء المعمورة ، مستخدمين أرقى الأساليب ، وأقصر السبل لإيصال المعلومة الفكرية إلى السامع والمشاهد بغض النظر عن دينه ومذهبه .
ولكن المثير للكراهية ، هو أن بعض أولئك المشايخ ، يخرجون عن النص القرآني والسنة النبوية ، فيقومون بشتم بعض الخلفاء الراشدين أو سبَّ أم المؤمنين عائشة بما برأها الله منه من فوق سبع سماوات .
وإننا نحن السنِّيون ، نؤمن بأن ما يقدمه بعض مشايخ الشيعة ، وخاصة في علوم الدين والقرآن وسنة رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ، لهو شيء مدهش وجميل وينمُّ عن بلوغ غاية قصوى من العلم ، ومحصلةً من الفكر والمعرفة لا يرقى إلى مستواها معظم علمائنا في المذهب السني ، والدليل الأوفى على هذا القول ، هو أن علماء السنَّة والمشايخ الذين يكلَّفون بإلقاء المحاضرات والندوات ، سواء في المحافل الدولية أو الأماكن العامة وفي المناسبات الخاصة ، و حتى خطب الجمعة ، يُشبعوننا تأتأةً ولفا ودورانا دون أن يوصلونا إلى حقائق الأشياء وما نبتغيه حقا من فكر عميق ، وحينما نقوم بارتياد المساجد أو حضور المناسبات نذهب إلى هناك بمحض إرادتنا ، وبذهننا تحقيق غاية وهدف لم نألفهما من قبل ، لأننا نطمح بعلم وفكر جديدين ، ولكن قد يخرج معظمنا من الجلسة أو الخطبة دون أن نعي مما يقولون ولو كلمة واحدة ، بل وقد لا نخرج بشيء أبدا ..
نعم .. يصيبنا السخطُ والغثيان في كثير من الأحيان ، ونحن نستمع لخطب ممجوجة يقدمها الكثير من على المنبر ممن ينصبون من أنفسهم أئمة ومشايخ ، والكثير منهم لا يمتلكون من العلم أي شيء من أي شيء ، بل وحتى لغة القرآن لم يكن لها حظا أو نصيبا من الإتقان في خطبهم الهوجاء الفارغة .
قلة هم العلماء الذين نراهم أحيانا على شاشات قنوات التلفزيون المصري (جزاهم الله كل الخير) ، وأغلب الظنِّ بأنهم من علماء ومشايخ الأزهر ، وحريٌّ بهم أن يكونوا كذلك ، فأولئك هم من أصحاب الفكر حقا ، ويقدمون للإسلام وأهله خدماتٌ جلَّى ، بما يأتون به من علوم شتى تقود إلى فكر عميق وعظيم ، تكاد تضاهي قدرات علماء الشيعة بل وأكثر بما يقدمونه للمشاهدين والمستمعين ، من علوم راقية ، وهم قادرون فعلا على البذل والعطاء ، وقد تتشابه الأساليب تقريبا ، ولكن المقارنة ما بين زخم العلماء المصريين وعلماء الشيعة تكاد تكون غير متكافئة حتى ، لأن القنوات التلفزيونية التي يديرها الشيعةُ سواءٌ من إيران أو من العراق أو من أي دول أخرى لها من الإمكانيات والقدرات ما لم تتوفر لسواها في دول العالم العربي كله ، ممن ينتهجون النهج السني .
كم أتمنى أن لا يكون هناك مفاضلة بين العلماء المسلمين سواء أكان من الشيعة أو السنة ، بقدر ما يقدم كل واحد منهم للإسلام ما يستحق ، على أن يترك وراءه كل أسباب الخلافات والمفارقات والابتعاد عن الشتائم والسبِّ ، والتي لم نعرفها من قبل ، سواء في علمنا أو في دراساتنا ولا حتى في تعاليمنا الإسلامية السمحة ، لكنها باتت الآن واضحة المعالم ، بحيث يقوم بعض العلماء بالشتم والسبِّ على رؤوس الأشهاد دون خجل ولا وجلٍ ولا حياءْ .
القنوات التلفزيونية الإسلامية متعددة ، ولكنها مع كثرتها قاصرة عن تقديم البذل والعطاء ، عاجزةٌ عن تقديم ما يبتغيه المسلم ويطمح إليه ، وأتمنى أن لو كانت الإمكانيات التي تبذل من أجل إدامتها أن يكون وراءها ما يطمح إليه كل مسلم من علم نافع وفكر نير ، يحاكي عقول الناس على اختلاف مستوياتهم العلمية والثقافية والأخلاقية ، طالما أن تلك القنوات موجودة ومتعددة ، فإن بالإمكان أن تبرمج تلك القنوات ، لتقدم علماء أجلاء من المفكرين العظماء ، وهم من الذين لا يكون لهم حظ بالظهور ، لأن ظهور العلماء لا يكون إلا مصادفة وبلا سابق تدبير .
بل إن معظم ندواتنا العلمية ، والتي يقوم على برمجتها أناس لا يهمهم المستوى العلمي ولا المستوى الفكري ، بقدر ما يهمهم التكلفة المادية والقيمة المالية لكل ندوة من الندوات ، فبعض العلماء الأجلاء ، موزعون على تراب الوطن العربي ، يفصلهم عنا معوقات كثيرة أهمها المعوقات المادية وتكاليف السفر ، سواء سافر العلماء إلى أماكن الاحتفال أم قامت القنوات الفضائية بإرسال مندوبيها إلى أولئك العلماء الأجلاء في عقر ديارهم ، لمقابلتهم واستخلاص ما يجودون به من فكر ينفع الأمة الإسلامية قاطبة ، لأن القنوات الفضائية الآن أصبحت قادرة على تجاوز المسافات مهما اتسعت من أجل تحقيق الأماني ..
وأما الخطباء عندنا ، فهم بحاجة إلى إعادة تأهيل ، وكم يدهشني تدني المستوى العلمي لدى الكثير منهم ، بحيث لم أجد لديَّ رغبةً لمتابعتهم ولو لدقيقة واحدة ، لما أصابُ به من خيبة أمل وإحباط شديدين .
ولعلًّ منظمة العالم الإسلامي هي التي تتحمل المسئولية الجسيمة ، في تبني هذا العمل ، ومن ثم المؤمنين بالله في وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية والقائمين على هذا الجانب الديني والإنساني الهامّ في حياتنا على مستوى الوطن ، ينتبهون لهذه الناحية ويولونها من اهتمامهم الشيء الكثير ، فلا يلتفتون إلى العمائم والألقاب والمرور عنها مرور الكرام بلا اهتمام أو إصغاء ، لا بل عليهم أن ينتبهوا جيدا ويستمعوا لما يكون من خطب أو محاضرات ، لكي يستطيعوا الحكم بالحقِّ وإجراء التقييم اللازم لإمكانيات كل خطيب ، وبهذه الطريقة يمكن استبعاد العشرات منهم عن الساحة الخطابية لأنهم لا يقدمون للإسلام وأهله سوى التجهيل والنفور من ديننا الحنيف ، وأنا أؤكد بأن معظم الذين يحملون ألقابا ومسمياتٍ لها من البهرجةِ ما لها ، غير مستحقين لتلك الألقاب ، ولا يجوز أبدا أن ندعوهم بالمشايخ أو الأئمة ، بينما لا يحملون من هذه المسميات سوى سبحة طويلة يحملونها للزينة فقط .
والله من وراء القصد ،،،،
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق