الجمعة، 14 أكتوبر 2016

( أين ذهبت السعادة )........اشرف الدغيدي

لماذا ذهبت السعادة. والإبتسامه من قلوبنا وبيوتنا.رغم وفرة كل متع الحياة وكثرة الأموال بأيدينا. في هذه الأيام .. ؟
فكثيراً مايجوب بخلدي حياتنا منذ زمن مضي وأجد نفسي أتوقف كثيراً وكثيراً عندها.
وأسمع تنهيدات قلبي متحسراً عليها...
فكثيراً ماأتذكر الحياة البسيطه التي نشأنا فيها وترعرعنا وسطها. ؟
فأجدها حياة جميله وأجمل بكثير من حياتنا هذه الأيام ولكن عندما أحكيها لأولادي.
أري في عيونهم الدهشه والمواساة لي ولأبآءنا. ..ويتعجبون كيف كنا نعيش هذه الحياة وكيف تحملنا بؤسها من وجهة نظرهم... ؟
فهي كانت حياة بسيطه للغايه لايوجد أي وسائل ترفيهيه سوي القليل النادر ممن يمتلك الراديو أو التلفاذ الأبيض والأسود وقتها ومن لم يمتلكه فكانت هي غاية امنياته ان يمتلكه.في يوم من الأيام.... ؟
كانت البيوت تستخدم القلل القناوي الفخاريه والزير لشرب الماء... وما أجمل مياههما فكانت
اجمل طعماً من المياه المعدنيه هذه الأيام.
وكنا نذاكر علي لمبه جاز نمره خمسه.والطبليه الخشبيه.
والغني هو من يستخدم لمبه جاز نمره عشره او مايسمي بالكلوب. ابو رتينه.
وبالرغم من هذه المعاناه كنا نتفوق بدراستنا ومن كان يأخذ درس خصوصي وقتها فكان يلقب بالفاشل ...او الغبي
كانت امهاتنا رحمة الله عليهن يغسلون الملابس بالغساله اليدويه ( اي الطشت )
والصابونه ماركة الشمس خمسة نجوم ..كانت القلائل من تمتلك نقوداً لشراء مسحوق الرابسو
وقتها...
وكانت امهاتنا تقوم بخبز العيش البلدي المرحرح
في الفرن الطيني بالبيت ..وتربي كل أنواع الطيور ببيتها لعمل اكتفاء ذاتي لأسرتها وتساعد زوجها في معيشته قدر استطاعتها..
فكنا لانعرف الفراخ البيضاء ولا حتي نشتري
اللحوم من الجزار إلآ نادراً لعمل ماتسمي بكفتة الأرز ...فمن كان وقتها يشتري اللحم من الجزار
معناه او يطلق عليه ان بيته ليس به خيراً
أو زوجته لاتجيد تربية الطيور ..
والطهي كان بالكانون والحطب وأقراص الجله ؟
لكنك كنت تشتم رائحة الطعام وهو يطهي علي
بعد مسافه وما أعظم من طعمه كان
وكنا نأكل مايرزقنا به الله أياً كان قليل أو كثير حتي لو كان خبز مع أي غموس موجود بالبيت... جبنه قريش ،او اي شيء آخر متواجد..بالبيت. ؟
عمرنا ماتبطرنا علي اكل وضع امامنا
كنا نأكل أي شيء ونحمد الله...عليه. وعمرنا ماطلبنا من أهالينا أي شيء خوفاً من إحراجهم...
لعدم توافر الإمكانيات. لديهم فكنا نأكل مايتوفر
وكنا نلبس أيضاً ما كان بالإمكان أن يتوفر دون إرهاق الأهل. فكنآ نحس بهم بالفطره ...
فكانت الآباء لايملكون من المال شيء لعدم الدخل الشهري فقد...
أتذكر عندما كان الأب يشتري لأحدنا أيام العيد
حذاء أو بيجامه كستور ً جديده لنقضي بهما العيد كنآ نأخذهما بأحضاننا
ونحن نيام خوفاً عليه من الضياع او الإتساخ
وكنا نحلم بهما ونحن نلبسهم والفرحه تعم
كل كياننا ...
واتذكر ان الآباء كانوا يبيعون حصاد الأرض ببضعة جنيهات
تظل هي مصروف للبيت والأسرة حتي الحصاد القادم فكان الأب لايملك مائة جنيها بجيبه وقتها.وكانت امنيته ان يمسكها بيده... ؟
وكانت معظم الأسر تنام بغرفة واحده... هي غرفة النوم المجهزه بالبيت لذالك
والقليل من كان يملك السرير للنوم
فالمعظم كان ينام أرضاً علي الحصير.. ؟
وفي الشتاء الكثير گان ينام علي الفرن البلدي
المبني بالطين لحمايتهم من قسوة برد الشتاء.
وكنآ ننام ونشبع منه دون قلق أو مآيسمي
بالأرق هذه الأيام....ونصحوا من نومنا نصلي مع الأب ونجتمع سوياً حول الطبليه الخشبيه
لتناول وجبة الفطور البسيطه أياً كان نوعها
وبعدها يذهب الأب لعمله وكل منآ لمدرسته
ولكن رغم كل هذه البساطه كان الدفء الأسري موجود متوفر بسخاء وببذخ ...
كانت الضحكات تجلجل بالبيوت وكانت
السعاده تعم كل الأسر رغم كل هذا الشقاء والعناء التي كانت الأسر تعانيه إلآ ان
كان الأب والأم يجمعها الحب والحنان والأحتواء والإهتمام والإحترام والرحمه والمشاركه بينهم في السعي وراء الرزق طول النهار...
وبعد صلاة المغرب ورجوع الأب من عمله
كانت تجمعنا الطبليه لتناول وجبة العشاء
والقلوب سعيده بلمة الأب والأم والإخوة والأخوات والنكات تنطلق من البعض
والكل يضحك وسعيد والمحبه بالقلوب
فكانت القناعة والرضا هم اسباب السعاده
التي كانت تجلجل اركان البيوت البسيطه
والقلوب الكبيره العامره بالخير والموده والرحمه في التعامل بين الجميع
ورغم ضيق حال آباءنا
إلآ كانت عزة النفس والحب والود والتراحم كانوا ببذخ للجيران والأقارب والفقراء
فما زلت أتذكر من كان يزرع زرعاً كان يعطي جاره منه دون مقابل.ومن كان يملك مواشي بها حليب فقد كان يوزع منه لمن لايملك مواشي
وكانت الناس كلها تتعاون فيما بينهما
وتعطي لبعضها بحب وسخاء دون مقابل مادي رغم ان البيوت كانت خاليه من المال وفي أشد الإحتاج للجنيه
لكن كانت حساباتهم أعمق بكثير من حسابات
المال والحاجه اليه فكان المال أخر تفكيرهم
كان زمن جميل
وكانت البشر قلوبهم جميله نقيه وصافيه لبعضها
وكانت راضيه وقنوعه بما اعطاها ورزقها الله من فضله....
(وولدت العبقريات كلها في هذا الزمن)
اصحاب الاقلام الحره والكلمه الرقيقه
واصحاب الفن الراقي و الصوت الجميل
وايضاً كانت ازواقهم رفيعة وعاليه ..عودوا
لحفلات الطرب الأصيل وتعمقوا بنظركم في
الوجوه التي كانت تسمع وتستمتع به وكيف كانوا محترمين حتي في ملابسهم التي كانوا يحضرون بها الحفلات وانظروا للمطرب او المطربه كيف كانت تلبس وتقف بشموخ واحترام وعزة نفس وثقه
كانت القيم والمباديء والاخلاق والنخوه
كانت سمات أصحاب من عاشوا هذا الزمن..
وتعلمنا منهم فكنا نخاف علي بنات بلدنا
من الهوا أبداً لم نجرح مشاعر أي بنت
او نسبب لها حرج او نسمح لأحد يجرحها ونحن بمدارس خارج البلده نحفظهم ونخاف عليهم
فكانوا جميعاً إخوتنا
وكنا نحترم الكبير ونجله. لآيمكن أن أحد من الشباب كان يجلس علي مقعد في الأتوبيس العام وبنت او سيده او رجل كبير السن واقف علي رجليه
كنا نحترم المدرس ونجله فكنا اذا لعبنا يوم
بالشارع ومر علينا المدرس كنا نختفي من امامه
احتراماً لقيمته العلميه وله شخصياً ولا يصح
أن يرانا ونحن نلعب
يااااااااه أين نحن الآن من كل ماكان من قبل
فالأمم تتقدم بتقدم الأزمنه وتطورها...ونحن
ليتنا كنا توقفنا عند زمن كان جميلاً بكل شيء
لأننآ للأسف الوحيدون من تدهورت أحوالهم
...................................................
فأين ذهبت إذاً السعادة في ايامنا هذه
رغم كل هذا التطور والرفاهيه عند الجميع بدل التلفزيون معظم البيوت بها واحد بكل غرفه من غرف الشقه
والثلاجات منها اثنان وثلاثه ويزيدهم بالديب فريزر. والسيارات والمال كثير مع الجميع
لكن بلا بركه ..بلا أي سعاده .. بلا أي راحه
وبلا حتي طعم للقمه ولا الفاكهه ولا الخضروات التي نتناولها هذه الأيام
فهي عدم القناعه والرضا وموت الضمير او غفلته فهم السبب الرئيسي
في عدم البركه بحياتنا وعدم أيضاً السعاده
في نفوسنا وقلوبنا قبل بيوتنا...
ضاع الحب من قلوبنا. وضاع الإحترام
وضاعت الأخلاق والنخوه والشهامه..مع ضياع
الضمائر..
فالكل يلهث وراء جمع المال بلا بركه
أخذ وقته منه لطمعه فكلما حقق منه اراد أكثر وأكثر نسي ان له زوجه واولاد لهم حقوق وواجبات وهم أهم من كنوز الدنيا
نسي حتي الحب والاهتمام لبيته وأولاده وغرس القيم والمباديء واهتم فقط بجمع المال
ضاعت البسمه من الوجوه وكلها إكتئبت من الإهمال وعدم الرضا
زادت نسب الطلاق والتعاسه رغم كل هذا التطور والرفاهيه....
عكس الماضي فلا طلاق ولا تعاسه لانها كانت قلوب راضيه قنوعه محبه للخير و لبعضها
لآتهتم بالمظاهر الخداعه ولا تنظر بما بيد الآخر
فالنقف جميعاً لحظات ونتخيل حالنا
ونحاول ان نصلحها قبل فوات الأوان وتتدهور كل أسرنا بسبب اللهث وراء الماده ونسيان انفسنا وحقوقها ويضيع ما تبقي بالقلوب من
بعض الرحمه فهل يعقل مانحن فيه ومانعيشه
فالجار اصبح لايعرف إسم جاره حتي في الأعياد انعدمت الكلمة الطيبه للجار حتي كلمة كل سنه وانت طيب إختفت بيننا وكثيرآ
مانجد جاراً عنده عزاء لغالي لديه وجاره يفرح بعرس ولده أين وصية نبينا بالجار وأين ذهبت
الرحمة والموده والإبتسامة والضحكه من الوجوه وأصبح العبث والحقد والكره يملأ الوجوه قبل القلوب
(فلنتذكر كلنا الحديث القدسي)
(يابن آدم إن رضيت بما قسمته لك أرحت نفسك وإن لم ترضي لأسلطن عليك الدنيا تركض فيها كركض الوحوش في البريه ولا ينالك منها إﻻ
ماقسمته لك وكنت عندي مزمومآ......)
انار الله قلوبنا جميعا للرضا والقناعه
ونطلب الستر من الله فقط...فالأيام تمر ولآ تعود
والدنيا ليست مظاهر وجاه فقط
فربما تكون منعم بهما وغابت عنك البسمه والحب فالله وهب لنا متع الدنيا بدون مال
فالإبتسامه والحب والسعاده لاتشتري بمال
اللهم إرزق قلوبنا بالرضا والقناعه وصحوة الضمير
اسعد الله قلوبكم احبتي واحبابي جميعا ومن بها

ليست هناك تعليقات:

مجلة واحة الثقافة والادب الالكترونية